responsiveMenu
فرمت PDF شناسنامه فهرست
   ««صفحه‌اول    «صفحه‌قبلی
   جلد :
صفحه‌بعدی»    صفحه‌آخر»»   
   ««اول    «قبلی
   جلد :
بعدی»    آخر»»   
نام کتاب : كشف الأسرار شرح أصول البزدوي نویسنده : البخاري، علاء الدين    جلد : 2  صفحه : 131
إلَّا أَنَّ هَذَا لَا يَصِحُّ إلَّا بِإِضْمَارٍ فِيهِ تَرْكُ الْحَقِيقَةِ وَالْحَقِيقَةُ أَحَقُّ مَا أَمْكَنَ.

وَأَمَّا ثُمَّ فَلِلْعَطْفِ عَلَى سَبِيلِ التَّرَاخِي وَهُوَ مَوْضُوعَةٌ لِيَخْتَصَّ بِمَعْنًى يَنْفَرِدُ بِهِ وَاخْتَلَفَ أَصْحَابُنَا فِي أَثَرِ التَّرَاخِي فَقَالَ أَبُو حَنِيفَةَ - رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ - هُوَ بِمَعْنَى الِانْقِطَاعِ كَأَنَّهُ مُسْتَأْنِفٌ حُكْمًا قَوْلًا بِكَمَالِ التَّرَاخِي
ـــــــــــــــــــــــــــــQفِي حُكْمِ الْعَيْنِ فَلَا يُتَصَوَّرُ فِيهَا التَّرْتِيبُ فَيُصْرَفُ التَّرْتِيبُ إلَى الْوُجُوبِ أَيْ وَجَبَ دِرْهَمٌ وَبَعْدَهُ آخَرُ كَمَا إذَا قَالَ دِرْهَمٌ ثُمَّ دِرْهَمٌ يَلْزَمُهُ دِرْهَمَانِ بِالْإِجْمَاعِ وَيُصْرَفُ التَّرَاخِي وَالتَّرْتِيبُ إلَى الْوُجُوبِ أَوْ يُجْعَلُ الْفَاءُ عِبَارَةً عَنْ الْوَاوِ مَجَازًا لِمُشَارَكَتِهِمَا فِي نَفْسِ الْعَطْفِ كَأَنَّهُ قَالَ دِرْهَمٌ وَدِرْهَمٌ وَقَالَ الشَّافِعِيُّ - رَحِمَهُ اللَّهُ - لَزِمَهُ دِرْهَمٌ لِأَنَّ مُوجَبَ حَرْفِ الْفَاءِ لَا يَتَحَقَّقُ فِي الدَّرَاهِمِ كَمَا ذَكَرْنَا وَلَا يُمْكِنُ صَرْفُهُ إلَى الْوُجُوبِ أَيْضًا لِأَنَّ وُجُوبَ الثَّانِي بَعْدَ الْأَوَّلِ مُتَّصِلًا بِهِ لَا يُتَصَوَّرُ إذْ لَا بُدَّ لَهُ مِنْ مُبَاشَرَةِ سَبَبٍ آخَرَ بَعْدَ وُجُوبِ الْأَوَّلِ فَيَنْفَصِلُ لَا مَحَالَةَ فَيُحْمَلُ عَلَى أَنَّهُ جُمْلَةٌ مُبْتَدَأَةٌ مَحْذُوفَةُ الْمُبْتَدَأِ ذُكِرَتْ لِتَحْقِيقِ مَضْمُونِ الْجُمْلَةِ الْأُولَى وَتَأْكِيدِهَا كَأَنَّهُ قَالَ فَهُوَ دِرْهَمٌ كَقَوْلِهِ تَعَالَى.
{وَمَا أَرْسَلْنَا مِنْ رَسُولٍ} [النساء: 64] أَيْ مِنْ قَبْلِك {إِلا بِلِسَانِ قَوْمِهِ} [إبراهيم: 4] أَيْ بِلُغَتِهِمْ لِيُبَيِّنَ لَهُمْ أَيْ الدِّينَ الْحَقَّ وَالصِّرَاطَ الْمُسْتَقِيمَ {فَيُضِلُّ اللَّهُ مَنْ يَشَاءُ} [إبراهيم: 4] أَيْ يَصِيرُ ذَلِكَ الْبَيَانُ سَبَبَ ضَلَالِ مَنْ شَاءَ اللَّهُ إضْلَالَهُ وَالْمَذْكُورُ فِي التَّفَاسِيرِ فَيُضِلُّ اللَّهُ مَنْ يَشَاءُ بَعْدَ التَّبْيِينِ بِإِشَارَةِ الْبَاطِلِ وَيَهْدِي مَنْ يَشَاءُ لِاتِّبَاعِ الْحَقِّ وَكَقَوْلِ الشَّاعِرِ وَهُوَ رُؤْبَةُ فِي رِوَايَةِ صَاحِبِ الصِّحَاحِ:
يُرِيدُ أَنْ يُعْرِبَهُ فَيُعْجِمُهْ
أَيْ إعْرَابُهُ إعْجَامُهُ وَمَعْنَى الْبَيْتِ أَنَّهُ لَا يَقْدِرُ عَلَى إنْشَاءِ الشِّعْرِ وَالتَّكَلُّمِ بِهِ مَنْ وَضَعَهُ فِي غَيْرِ مَوْضِعِهِ بِأَنْ مَدَحَ مَنْ لَا يَسْتَحِقُّ الْمَدْحَ أَوْ ذَمَّ مَنْ لَا يَسْتَحِقُّ الذَّمَّ لِأَنَّ حُسْنَ الْكَلَامِ وَفَصَاحَتَهُ بِحُسْنِ مَوْقِعِهِ فَإِذَا فَقَدَ ذَلِكَ فَسَدَ فَهَذَا مَعْنَى قَوْلِهِ يُرِيدُ أَنْ يُعْرِبَهُ أَيْ يُفْصِحَهُ وَلَا يَلْحَنُ فِي إعْرَابِهِ فَيُعْجِمُهُ أَيْ يَأْتِي بِهِ عَجَمِيًّا يَعْنِي يَلْحَنُ فِيهِ قَالَ الْفَرَّاءُ رَفَعَهُ عَلَى الْمُخَالَفَةِ يُرِيدُ أَنْ يُعْرِبَهُ وَلَا يُرِيدُ أَنْ يُعْجِمَهُ وَقَالَ الْأَخْفَشُ لِوُقُوعِهِ مَوْقِعَ الْمَرْفُوعِ لِأَنَّهُ أَرَادَ أَنْ يَقُولَ يُرِيدُ أَنْ يُعْرِبَهُ فَيَقَعُ مَوْقِعَ الْإِعْجَامِ، فَلَمَّا وَضَعَ قَوْلَهُ فَيُعْجِمُ مَوْضِعَ قَوْلِهِ فَيَقَعُ رَفَعَهُ. كَذَا فِي الصِّحَاحِ وَذَكَرَ صَاحِبُ الْكَشَّافِ فِي رِسَالَتِهِ الزَّاخِرَةِ رَاوِيًا عَنْ الْحُطَيْئَةِ أَنَّهُ كَانَ يَقُولُ: قَوْلُ جَيِّدِ الشِّعْرِ أَشَدُّ مِنْ قَضْمِ الْحِجَارَةِ.
وَقَالَ:
الشِّعْرُ صَعْبٌ وَطَوِيلٌ سُلَّمُهُ ... إذَا ارْتَقَى فِيهِ الَّذِي لَا يَعْلَمُهْ
زَلَّتْ بِهِ إلَى الْحَضِيضِ قَدَمُهْ ... يُرِيدُ أَنْ يُعْرِبَهُ فَيُعْجِمُهْ
قَوْلُهُ (إلَّا أَنَّ هَذَا) أَيْ جَعْلَهُ جُمْلَةً مُبْتَدَأَةً كَمَا قَالَ الشَّافِعِيُّ لَا يَصِحُّ إلَّا بِإِضْمَارٍ فِيهِ تَرْكُ الْحَقِيقَةِ وَهِيَ الْعَطْفُ وَإِلْغَاءُ الْفَاءِ مِنْ كُلِّ وَجْهٍ لِأَنَّهُ يُسَاوِي قَوْلَهُ عَلَيَّ دِرْهَمٌ دِرْهَمٌ وَالْحَقِيقَةُ أَحَقُّ بِالِاعْتِبَارِ مِنْ الْإِلْغَاءِ مَا أَمْكَنَ وَفِيمَا ذَهَبْنَا إلَيْهِ إنْ كَانَ تَرْكُ الْحَقِيقَةِ مِنْ وَجْهٍ فَفِيهِ اعْتِبَارُهَا مِنْ وَجْهٍ لِأَنَّهُ إنْ فَاتَ الْعَمَلُ بِصِفَةِ الْوَصْلِ مِنْ الْوَجْهِ الَّذِي قَالَهُ فَقَدْ حَصَلَ الْعَمَلُ بِمَعْنَى الْعَطْفِ الَّذِي هُوَ أَصْلٌ فِي هَذَا الْحَرْفِ وَبِصِفَةِ التَّعْقِيبِ فِي الْوُجُوبِ فَكَانَ أَحَقَّ مِمَّا قَالَهُ الشَّافِعِيُّ.

[معانى ثُمَّ]
قَوْلُهُ (عَلَى سَبِيلِ التَّرَاخِي) وَهُوَ أَنْ يَكُونَ بَيْنَ الْمَعْطُوفِ وَالْمَعْطُوفِ عَلَيْهِ مُهْلَةٌ فِي الْفِعْلِ الْمُتَعَلِّقِ بِهِمَا فَإِذَا قُلْت جَاءَنِي زَيْدٌ ثُمَّ عَمْرٌو أَوْ قُلْت ضَرَبْت زَيْدًا ثُمَّ عَمْرًا كَانَ الْمَعْنَى أَنَّهُ وَقَعَ بَيْنَهُمَا مُهْلَةٌ وَلِهَذَا جَازَ أَنْ تَقُولَ ضَرَبْت زَيْدًا ثُمَّ عَمْرًا بَعْدَهُ بِشَهْرٍ وَلَا يَصِحُّ ذَلِكَ بِالْفَاءِ وَاخْتَلَفَ أَصْحَابُنَا فِي أَثَرِ التَّرَاخِي أَيْ فِي ظُهُورِ أَثَرِهِ فَقَالَ أَبُو حَنِيفَةَ - رَحِمَهُ اللَّهُ - يَظْهَرُ أَثَرُهُ فِي الْحُكْمِ وَالتَّكَلُّمِ جَمِيعًا حَتَّى كَانَ بِمَنْزِلَةِ مَا لَوْ سَكَتَ ثُمَّ اسْتَأْنَفَ قَوْلًا بِكَمَالِ التَّرَاخِي يَعْنِي هَذِهِ الْكَلِمَةُ وُضِعَتْ لِمُطْلَقِ التَّرَاخِي فَيَدُلُّ عَلَى كَمَالِهِ إذْ الْمُطْلَقُ يَنْصَرِفُ إلَى الْكَامِلِ وَذَلِكَ بِأَنْ يَثْبُتَ التَّرَاخِي فِي التَّكَلُّمِ وَالْحُكْمِ جَمِيعًا إذْ لَوْ كَانَ التَّرَاخِي فِي الْوُجُودِ دُونَ التَّكَلُّمِ كَانَ ثَابِتًا مِنْ وَجْهٍ دُونَ وَجْهٍ أَلَا تَرَى أَنَّ هَذِهِ الْكَلِمَةَ دَخَلَتْ عَلَى اللَّفْظِ فَيَجِبُ إظْهَارُ أَثَرِ التَّرَاخِي فِي نَفْسِ اللَّفْظِ أَيْضًا تَقْدِيرًا كَمَا يَظْهَرُ أَثَرُهُ فِي الْحُكْمِ وَإِذَا ظَهَرَ أَثَرُهُ فِي اللَّفْظِ صَارَ كَمَا لَوْ فُصِلَ

نام کتاب : كشف الأسرار شرح أصول البزدوي نویسنده : البخاري، علاء الدين    جلد : 2  صفحه : 131
   ««صفحه‌اول    «صفحه‌قبلی
   جلد :
صفحه‌بعدی»    صفحه‌آخر»»   
   ««اول    «قبلی
   جلد :
بعدی»    آخر»»   
فرمت PDF شناسنامه فهرست